هذا مقال رائع قرأته في جريدة القدس العربي الصادرة هنا بأمريكا، أرجو أن يعجبكم:
كم غريب امر الغرب ولكن امرنا اغرب
الغرب يدعونا للديمقراطية صباح مساء، ويتدخل في شؤوننا الداخلية والخارجية بحجة الديمقراطية، وبحجة اننا نُحكم بانظمة دكتاتورية، وفي نفس الوقت، اذا اختار شعبنا الاسلام، فان الغرب يتدخل ايضا، ولكن بحجة الارهاب، فماذا نصنع؟ والله لقد شقينا بارضاء الغرب هذا ولم نرضه، والله لم يبق لنا الا ان تهاجر شعوبنا كلها للغرب، ونمحي كلمة الشرق من قاموس الاتجاهات، فيكفينا شمالا وجنوبا وغربا، لعل الغرب يرضي! وحتي هذه ايضا فشلنا في ارضاء الغرب بها، فقد وضع الغرب من القيود علي السفر في السفارات، ما لا يعد ولا يحصي من القوانين الصعبة وبل لتكاد تكون مستحيلة، لكي لا نهاجر اليه.والعجيب انك لا تري بلدا من بلداننا الا وجدت الغرب فيه، يسرح ويمرح، يُفصل فنلبس، يقتل فندفن، يُقسم فنوقع، يسن القوانين فنتنازل، يهدي اراضينا لاعدائنا ثم يدعونا لسلامه فنُسالم، يسرق بترولنا امام اعيننا فنُبارك، يمنع عنا زراعة الارز، ثم يبيعنا اياها باسعار باهضة فنشتريها وفوقها حبة مسك، يقتل اطفالنا ونساءنا وشيوخنا ثم نضبط انفسنا وندعوا له بالهداية، يشتم ديننا الحنيف ونبينا الكريم فندعوا لحواره. اكل هذا السلام مع الغرب، ولم نحظ نحن بسلامه؟ ابعد كل هذا الاحتكاك مع الغرب، لم نتوفق نحن بعد بتفهيم الغرب شيئا عنا؟ الهذه الدرجة نحن رموز معقدة؟ الهذه الدرجة نحن الغاز يصعب علي الغرب فكها؟وهذه الحقيقة المرة التي تعيشها بلداننا مع الغرب، هي نفس الحقيقة التي يعيشها المواطن في بلداننا، في علاقته مع الحكام ايضا، فقد شقيت الشعوب ايضا بارضاء حكامها، فلقد رضي المواطن ومنذ زمن بعيد، بان الحاكم فوق القانون، وان الحاكم هو ولي الامر وان لم يحكم بالاسلام، وان حكم ابن الحاكم بعد الحاكم هو الامر الطبيعي، و سلم المواطن ايضا، بان اسرائيل هي اقوي من الدول كلها، وان السلام معها هو الحل الامثل، وسلمنا بان الذهاب لصلاة الفجر، او مجرد لبس الحجاب هو احد علامات الارهاب، ودفعنا الضرائب تلو الضرائب، حتي ليكاد يكون كل راتبنا ضريبة، والنتيجة اننا لم نرض حكامنا ابدا، فهم شديدو الحنق علينا، شديدو البأس بنا، دعونا للقومية فتبعناهم، ثم للوطنية فوافقنا، حتي الاشتراكية رضيناها لهم ولم نعارض، ولكن النتيجة دائما اننا خائنون، متهورون، وغير منضبطين وارهابيون.وهنا قد يتبادر الي الذهن سؤال، وهو هل فقدت شعوبنا ما بوسعها من وسائل واساليب وطرق لارضاء هذا الغرب وهؤلاء الحكام؟ وبتقديري الشخصي لا ، لم تفقد الشعوب كل الوسائل بعد، فما زالت هذه الشعوب تقول لا اله الا الله محمد رسول الله، واظن ان سبب نقمة الغرب والحكام علينا هو اننا ما زلنا نقولها ولو لمجرد قول، وربما لو تنازلنا عن هذه الوسيلة الاخيرة، لتسامح معنا الغرب وللطف بنا الحكام؟ وربما بعد ذلك لن نعد بحاجة للتنازل والهوان وترك بلادنا والهجرة الي الغرب؟وبما ان الامور قد وصلت بنا الي هذه المواصيل، وبما ان امورنا قد آلت بنا الي هذه المآلات، فلماذا لا نقف مع انفسنا وقفة صادقة ولو لمرة واحدة؟ لماذا لا نحاول اخراج انفسنا نحن الشعوب من ميدان الحياد؟ لماذا لا نعيد النظر في علاقاتنا مع انفسنا اولا؟ ولنحدد امرا جوهريا بالغ الاهمية، وهو هل نحن فخورون بانتسابنا لدين الاسلام ام لا؟ فان كان الجواب بالايجاب، فلنعلم جميعنا باننا امام صراع حضارات، ونحن جزء من هذا الصراع، وليعلم الجميع بان هذا الدين العظيم لم يكن يوما عاجزا عن نصرة من يلجأ اليه، ويتمسك بعروبته ويتقيد باحكامه، وليعلم الحكام والغرب، بان فكرة الخلافة قد تركزت وتغلغلت في عقول بعض ابناء المسلمين، وليعلم العاقلون والقادرون من ابناء هذه الامة الاسلامية، باننا قد تنازلنا عن كل شيء يمكن التنازل عنه، وفرطنا بكل ما لا يجوز التفريط فيه، ومع كل هذا لم ننل رضا الغرب، ولا رضا انظمة السوء في بلداننا، ولقد آن لنا الآن، ان ننظر ولو مرة واحدة لما في يد الله، لقد آن لنا ان نرفع ابصارنا ولو لبرهة الي السماء، اننا نفتقد الي شيء من العزة، شيء من رضوان الرحمن. فلنستدرك امرنا، ولنذكر بعضنا البعض، بان شيئا ما زال فينا من احاسيس البشر، وان ارادة الشعوب، لا يمكن لاعتي قوة عرفها التاريخ ان تغلبها.
وصدق الشاعر حين يقول:
اذا الشعب يوما اراد الحياة
فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلي
ولا بد للقيد ان ينكسر
اذا الشعب يوما اراد الحياة
فلا بد ان يستجيب القدر
ولا بد لليل ان ينجلي
ولا بد للقيد ان ينكسر
قلم: د.فرج الفقير
نعيب زماننا و العيب فينا
ردحذفو ما لزماننا عيب سوانا
imadeddine_21@maktoob.com