بحث هذه المدونة الإلكترونية

المتابعون

الأربعاء، 22 سبتمبر 2010

كيف نرد على اعتداءات الغرب


من الاتهامات الموجهة للإسلام في عهدنا هذا العنف والهمجية في تصرفات أتباعه تجاه بعضهم البعض أو تجاه غيرهم سواءً عاهدوهم أم لا. مدى صحة هذه الإتهامات عند ناس الغرب تقترن بتغطية صحافتهم المنحازة بصورة فاضحة ضد هذا الدين وأتباعه، بل تنتقي الأخبار الصادرة من المسلمين بكيفية عجيبة، بحيث لا يُنظر فيهم ولا تنقل أخبارهم إلا عندما يتعلق الأمر بجريمة أو خطأ ارتكبه أحدهم أو جماعة منهم. بات بعض أصحاب الرأي في قنواة الغرب الإعلامية يجرّمون الإسلام جملةً أو بعض تعاليمه بدون تدقيق في فهمها وأسباب وجوبها وما هو القصد من تطبيقها. هذا كله إلقاء للّوم في معظمه على السواد الأعظم من صحافتهم، مؤسسات دولهم وكثير من السذج في عوامهم. وهو في الحقيقة أمر مستحيل عندما نمحّص الملاحظة في أحوالنا: حكومات، نخب وأفراد مستقلة، بحيث نرى بعض التواطؤ المتعمَّد والغير متعمَّد، كما نرى تصرفات كثير منها ردود أفعال غير موزونة وحتى من أفعال الجاهلية الأولى في بعض الأحيان. سبب هذه الحالة الواقعية يكمن بالدرجة الأولى وبصورة طاغية في الجهل العارم الذي أضحى حقيقة الكثيرين من أبناء أمتنا، وهو الذي يُنتج سذاجة في أسلوب الردّ على العدوان والدفاع عن أنفسنا ومصالحنا بطريقة تضرُّنا أكثر ممّا تنفعنا. هذا الجهل يحوم ويسيطر على الكثير من أفكارنا بحيث صارت العصبية بالمفهوم الخلدوني هي ما يجمعنا وللأسف ما يفرّقنا أيضا. صِرنا متشددين ومتعصبين في كل أفكارنا وانتمائاتنا، مما جعلنا يسيري التحريك والتعبئة. كل من هبّ ودبّ يمكنه أن يسيطر ويتحكّم في مشاعرنا وتصرفاتنا. ما نجهله بالدرجة الأولى هو ديننا فأصبح الدين عندنا صلاة وصوما وجهادا (بطريقة مبتدعة في كثير من الأحيان) وغيرها من الفرائض والسنن، أما عن الشروط والكيفية، فمعظمنا في جهل مظلم. والحقيقة المرّة أن عقلائنا أصبحوا في ضعف كبير أمام الظلم والعدوان، فإما تراهم يجيزون المعاملة بالمثل ولو كانت النتيجة دمارا مروعا وفسادا عارما، وإما يسكتون حتى يكونون في ملجئٍ من الانتقادات أو يلزمون بيوتهم إتقاءً للفتنة. أما العامة منا فيتحزّبون لمن تهواه قلوبهم وينفِّذون رُؤْيَتَهُم، أو يتحزّبون اضطرارا وكُرها حِفاظًا على الكرامة والنفس والمال ولو كان ذلك الإنتماء لا يتوافق ومعتقداتهم ورُؤاهم. صحيح أن المسلمين ودينهم في مواجهة متواصلة مع الغرب لأسباب إقتصادية ومصلحية في الدرجة الأولى ومن ثمة عقائدية وتاريخية في الدرجة الثانية. لكن أسباب تخلفنا المقرف لا يمكن تبريره كلية بالمواجهة السابقة الذكر. نحن في تخلف فاضح يعم معظم الشعوب الإسلامية، عِلمُنا بديننا أصبح ضعيفا جدا وما زاد الطين بلّة هو سيطرة أصحاب النفوذ على مناهل العلم ومصادر الصحافة، فصارت المعلومات والأخبار تمر عبر مصفاة تقبض ما يزعج رؤوس السيطرة ويَبُثّ ما يتوافق ورُؤاهم. ثم نحن غير مُلِمِّين بطبيعة أعدائنا في الغرب. هم ليسوا في اتحاد ضدنا، بل منهم الكثير من يدافع عن مظالمنا ويهدف إلى علاقة مبنية على الاحترام المتبادل الحقيقي والتبادل الاقتصادي والاجتماعي الموزون والمقبول من الطرفين. يجب مخاطبة الغرب باللغة التي يفهمها وبالصور التي يستوعبها والمنطق الذي يقنعه. على المسلمين القاطنين بعواصم الغرب ومدنه وقراه، أن يكونوا سفراء لدينهم وأمتهم، فيحسنون في المعاملة ويكونون مثالا عن أسلافهم وأهم من ذلك المشاركة الفعّالة في مجتمعاتهم ثقافيا، اقتصاديا وسياسيا، ثم الدفاع عن قضاياهم المحلية وقضايا أمتهم الدُّولية.
سياسة الدول الغربية أضرت ولا زالت تضر الأمة في أكثر من بلاد ومنطقة. التذمر منهم ومعاداتهم في سياساتهم أمر مشروع وطبيعي، ولكن رد الفعل الدفاعي لا بد أن يكون في إطار شريعتنا وأعراف عصرنا ومعطيات وضعيتنا. لا بد من نظرة بعيدة قبل ردة الفعل السريعة. هدفنا هو دفع الظلم عنّا، هل يمكن أن ندفع هذا الظلم بظلم آخر؟ أظنّ أن السنين الأخيرة أظهرت النتائج الوخيمة لتلكم الطريق. الجهل عدونا الأول، فهل من جهاد ضده؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق