لماذا الغربة؟

تغرب الكثير من الشباب الجزائري ولا يزال الكثير في انتظار الفرصة بل يخاطرون من أجل ذلك فمنهم من يسلك البحر على زورق "قاتل" ومنهم من يصطنع تأشيرة أو جوازا مفبركا قصد الهروب من الوطن. في الحقيقة هؤلاء الشباب لا يكرهون الوطن ولو يتفوهون بذلك أحيانا، بل يكرهون وضعيته التي آلت بمعظمهم إلى البطالة أو إلى عمل لا يضمن مستقبلا بسيطا. مستقبل الناس في الجزائر لا يختلف عن مستقبل أي إنسان على سطح هذه الأرض، عمل محترم يضمن قوته ويكفيه ليدخر قسطا يتزوج به، ومن ثمة يكفل عياله.
منهم من درس ومنهم من فارق الدراسة، منهم من يعمل في وظيفة ومنهم من يتاجر وكثير قاعدون. ليس المشكل مشكل عزيمة وإرادة وإنما انعدام الفرص في شتى مجالات الحياة. فحياة الشباب في الجزائر لا تكاد تمر أيامها بلا عوائق وفي أتفه الأمور. بحيث يحس المرء بأنه في سجن لا باب له ولا مخرج منه. بحيث الصابر يحمد الله على صحته ويتمنى الخير، والقانط يعانق الحرام فبعض يصاحب المخدرات وآخر يستعمل السرقة، وبذلك تنحط أخلاقهم بسرعة فائقة. ولا يرون من مخرج إلا بالفرار نحو الغرب الذي يشاهدون على شاشات التلفزيون ويسمعون من بعض المحظوظين الذين يحلون عليهم في عطل وجيزة. فيتعلقون بهذا الغرب الذي سيقلب حياتهم من لا عمل إلى عمل ومن حزن إلى فرح ومن فراغ إلى نشاط.
سبب هذا الموضوع المحير هو فشل ولاة الأمور من قمة الهرم وعلى رأسها الحكومة وحكامها إلى قاعدة الهرم من مربيين وأئمة وأولياء. خمس وأربعون سنة مرت عن استقلال الجزائر الغنية بكل ما يلزم لأي شعب لينهض بنفسه. لكن الفساد شاع وغمر كل شيء، فعم الظلم والرشوة بدل الحق والعدل.
لكن هل الحل في الغربة، فمن العائلة ينتقل الإنسان إلى الوحدانية ومن هنالك يكتشف عشق وطنه بلا إرادة. فيضيق الصدر كل ما تذكرها. فعيش الإنسان بلا ناسه كأكله الطعام بلا ملح. وتدور الدائرة إلى الحسرة مرة أخرى وتتعدى الأمور إلى الندم. وتمر السنين ... ولا تستقر الأمور فيصبح المرء غريبا عن ناسه وعن وطنه ومهما عاش في بلاد الغير فسيبقى غريبا وبالتالي يكون قد فقد الاثنين في آن واحد. اللهم فرج حال المغتربين.
والسلام