بحث هذه المدونة الإلكترونية

المتابعون

السبت، 26 ماي 2012

انتخابات الرئاسة المصرية

انتخابات الرئاسة المصرية

اليوم انطلقت بمصر أول انتخابات رئاسية "حرّة" في تاريخ الوطن العربي. نقول حرّة بين ظفرين بسبب الإقصاء الذي تعرض له الشيخ حازم صلاح أبو اسماعيل. الأمر الذي دُبِر بليل من أجل حرمان مصريين كُثُرْ، اجتمعوا حول هذا المُرشَح، الوحيد الذي وعد بتطبيق الشريعة الإسلامية (بالتدرج) وتحقيق استقلالية حقيقية لمصر وفكها من الأسر الأمريكي. ذلك ما وعد به ولكن يبقى تربص العِدَا خطير، فلا يغفل أحد عن محاولة الغرب وعلى رأسه أمريكا والكيان الصهيوني (متخفيا) احتواء الثورة العربية عن طريق إفشالها في مصر أو على الأقل التأثير على مسارها لصالحهم. أنا من المعتقدين بأنه كان على الإسلاميين التريث قليلا في اعتلاء جميع مناصب القرار في دول ما بعد الثورة العربية، حتى يتمكنوا من تخفيف حدة المؤامرات التي تحاك ضدهم ويقطعوا السبيل للقوى المناهضة للثورة والمحتمين بالغرب، أولائك الذين يتباكون ويحذرون من "الطوفان" الإسلامي الذي "يخطط" منذ مدة من أجل الاستحواذ على الحكم حسبهم، ثم تأسيس دول دينية تضبط الحريات وتعيق حرية التعبير والنشاطات المختلفة المخالفة لمعتقداتهم.

رغم كل هذا، اصطف المصريون اليوم لاختيار رئيسهم القادم في أجواء عرفت هدوءا عامًا. أستبعد إمكانية قيام المجلس العسكري وبقايا نظام المخلوع مبارك بتزوير الانتخابات، إلاّ أنني أبقى متوجسا منهم، خاصة بعد كثرة "تحليلات" و"تحريات" صُحفية، تدّعي تآكل شعبية الإخوان المسلمين والتيار الإسلامي كَكُل، بسبب "فشلهم" في إدارة مجلسي الشعب والشورى بعد الثورة، ثم تلك الاستطلاعات التي صدرت مؤخراً عن مؤسسات مشبوهة وفاقدة لأي تجربة تذكر، والتي أفرزت رجل مبارك ونظامه البائد أحمد شفيق كمرشح مُخَيَّرْ لدى المصريين وتقدمه عن سائر ملاحقيه في استطلاعات الرأي، بما فيهم ثوريون مشهودٌ لنضالهم كعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي. تلك تقارير مخيفة وقد توحي إلى محاولة جس النبض واختبار ردود فعل الشعب المصري وتحضيره لإقصاء الإسلاميين من هذا المنصب، قصد الإعلان عن رئيس من الفلول يضمن مصالح الغرب والعسكر معا ويحقّق "الاستقرار". منطقيا، من المستحيل أن يفوز أحمد شفيق أو عمرو موسى، لأن الثورة لم تقم إلا بعد أن كفر الشعب المصري بنظام مبارك وبكل من خدمه، فما بالك برئيس حكومته ووزيره للخارجية؟

بعد إقصاء أبو اسماعيل، أعتقد أنّ أبو الفتوح قد يكون اختيارا صائبا لإخواننا في مصر، لأنه رجل ثوري ولم يتخاذل قط في محاربة الظلم والاستبداد منذ شبابه. ثم هنالك حمدين صباحي، الذي يبدو رجلا محترما جداً ولديه مواقف مشرفة ويلتزم بخط سياسي واضح وصريح بغض النظر عن مضمونه. كما أنه يحوز على ابتسامة (علامة مسجلة) تسعد كل من قابلها. وأخيرًا محمد مرسي، مرشح جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، الذي لم يكن يوما مرشحا جديا (بحيث من الأول دخل السباق كمرشح احتياطي). أعتقد بأن حظوظه في الفوز  ضئيلة جدا، إلا أنه يبقى يُمثِّلُ أعتق وأكبر الجماعات الإسلامية في مصر والعالمين العربي والإسلامي ، دفعت كل غالٍ ونفيس في مواجهة الأنظمة المستبدة وإعلاء كلمة الحق. 

أتمنى أن تمر العملية الانتخابية بسلام وأن لا يصدر المجلس العسكري الإعلان الدستوري التكميلي الذي أعلن عنه مؤخراً، والذي أظن أنه سيحتوي على بنود مفادها تقليص صلاحيات الرئيس قبل توافق المصريين على دستور جديد للبلاد. لكني في الوقت نفسه، أعتقد بأن العسكر في مصر لن يغامر في قضية يعلم بأن نتائجها قد تكون مصيرية وسلبية عليه. وفق الله مصر وحفظها وسائر بلاد المسلمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق