بحث هذه المدونة الإلكترونية

المتابعون

الاثنين، 17 ديسمبر 2012

لاَ طَرِيقَ إِلاَّ هَذِهْ

هي المعركة الحاسمة في مصر. بنو علمان يريدون الحكم ولو بالقوّة ويهدّدون بحرب أهلية لا تبقي ولا تذر في حالة ما رُدَّ الأمر إلى الشعب «الأميّ». ماذا يريد هؤلاء؟ أليس هم من فرضوا علينا الديمقراطية فرضاً ومرّروها لنا بحجّة عدالتها ومزاياها المغرية من تساوٍ في الحقوق والواجبات والمواطنة والمساواة أمام القانون ونبذ الطبقية والعنصرية وغيرها من الخصال النّبيلة التي أثبتت الأيّام أنّهم لا يؤمنون بها حقّاً وما الشعب بالنسبة إليهم إلاّ قطيعٌ من الأغنام ظنّوا بأنّهم قادرين على توجيهها ناحية اليمين وناحية اليسار بما تهوى قلوبهم، عبر آلتهم الإعلامية الجبّارة ورجالاتهم في مواقع الدولة الحسّاسة وممّوليهم من أصحاب الجيوب العميقة، ممّن يدعّمونهم، ليس حباً فيهم، بل استغلالاً لهم للحفاظ على ما نهبوه من الأرزاق ومازالوا، واستمراراً لدار لقمان على حالها في آرجاء الدولة العميقة، التي أبانت هذه الأيام عن قوّتها البطّاشة وخبثها الجبان. الأمر جدّ حسّاس، بحيث وضعت هذه الأحداث التيّار الإسلامي الوسطي الذي تتزعمه جماعة الإخوان المسلمين في وضعية جدُّ حرجة. فوزهم في الانتاخابات الحرّة والنزيهة واعتلائهم سدّة الحكم لم تسمح لهم ببدأ تطبيق مشروعهم الذي انتُخِبوا من أجله. هذا التيّار الذي مدّ يده نحو العلمانيين رغم أنّ الكثير منهم استئصاليون بطبيعتهم، ورغم ثبوت العديد من الشواهد على غدرهم وإصرارهم على تربص الدوائر بالنظام المنتخب شعبياً. لقد توجّه الجناح الاستئصالي إلى العنف والفوضى، بعد أن فشل في إقناع غالبية الجماهير، قصد إحداث الطلاق بينهم وبين الإسلاميين بنشر الأكاذيب عنهم واتخاذ سياسة الكيل بمكايلين عند مناقشة قضاياهم. لقد وجدَ هؤلاء الرويبضة طريقاً غير الصندوق وهم سالكوها إلى أن يبلغوا أهدافهم التي تنتهي عند إفشال المشروع الإسلامي بأيّ طريقة كانت ولو بالخديعة والعنف. المصيبة التي تواجه التيار الوسطي اليوم وخاصة إذا نال منه بنو علمان وجعلوا فترته في الحكم فترةَ تأمين وإطفاء حرائق بدل فترة تطهير وبناء، هي كيفية إيقاف زحف التيّار المتشدد والذي له تحفّظات كثيرة ومعلنة عن النظام الديمقراطي برمّته. هذا التيّار الذي يمثّله السلفيون العلميون والجهاديون والذين حذّروا مراراً من العلمانيين ونادوا بإقصائهم، بسبب معاداتهم لدين الأمّة وانكارهم لماضيها المجيد وتواطء العديد منهم مع النظم المستبدة السابقة وتبريرهم لجرائمها. المتشدّدون سيقولون بعد أن تُفشل الأنظمة الوسطية «ألم نقل لكم؟» وسيحوّلون خطابهم إلى نسخته الأصلية وهي المناداة بإقامة دولة إسلامية بالمفهوم التقليدي والتاريخي، لا يعلو فيها شيء فوق كلمة الله. هذه الدولة التي ينادي بها الكثيرون لا نظنها بالدولة التي ستسمح لبنو علمان باعتلاء منبر ولو منبر المعارضة. ما يجب أن يتخوّف منه العلمانيون ليس مرسي ولا الجبالي ولا بن كيران، إذ أنّ هؤلاء قومٌ علّمتهم محن الأيام بأنّ التغيير يتطلّب الصبر والتضحية وهم على استعداد لتلقي اللّكمات من أجل الوطن والمشروع النهضوي، وإنّما عليهم الخوف من قومٍ ليس لهم من الصبر الكثير ولا يتشدقون بأرواحهم في سبيل ربهم. أخاف أن يدفع هؤلاء المهزومين اليائسين شعوبهم إلى الكفر بديمقراطيتهم كما كفروا بها هم من قبل. لا طريق سوى هذه، إلاّ طريقٌ هم ممنوعون من العبور فيها بآرائهم ومناهجهم الحالية. عليهم أن يتقّوا الله في أوطانهم وأن يحترموا شعوبهم. شعوبهم ليست بالأميّة ولكن بالمظلومة، ليست بالجهّلة بل بالعاقّلة، هم لا يريدون رفعةً ولا مصلحةً إلّا لأوطانهم. خلّوا بينهم وبين مستقبلهم حتى لا يجعلوكم في ماضيهم ويقصونكم من حاضرهم.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق