بحث هذه المدونة الإلكترونية

المتابعون

السبت، 19 جانفي 2013

المصاغر

"مْصْغَرْ" كلمة عامية تستعمل في الجزائر العاصمة ونواحيها مساواةًً بكلمة شاب أو فتى. المصغر حسب تعريف الشارع هو شاب أنيق، خفيف الحركة، يحسن المسير في شوارع المدينة وأزقتها، مطّلعٌ على أسرارها وملمٌ بأخبارها، يعرف مناطقها وعناوين كل ما هو مهم. المصغر ليس بالمفرنس ولا بالملتزم، هو فصيل جديد أنبتته الجزائر المستقلة.
المصاغر (جمع مصغر) هم فيما مضى أطفال تربوا في زمن التناقضات، زمن الكفر والتكفير، زمن الظلم والإرهاب، زمن الشاب حسني والشيخ عمر الزاهي، زمن الجامع و"البارابول"، زمن الحُرمة وحديقة الحيوانات ببن عكنون، زمن الجنائز والحفلات، زمن الجبل و"الفلوكة"، زمن شبوطي وعنتر زوابري، زمن القنابل ومسابقات القرآن الكريم، زمن المجازر ومسابقة "سيدة" جمال الجزائر، زمن حلقات المسجد وسهرات الليالي، زمن الزطلة (السّطلة) وصلاة التراويح، زمن الفقر والحطّة ... زمن فن البقاء.
المصاغر اليوم جلهم نشطون، بعضهم تزوج وبعضهم حصل على عمل، بعضهم تغرّب وبعضهم استشهد، بعضهم سُجن وبعضهم وجد جيبا من جيوب الدولة ينتفع منه، آخرون تديّنوا وآخرون ابتدعوا، ... أصبحوا خليطا. للمصاغر أشقاءٌ أكثر عدداً وأكثر همًّا،
هؤلاء شباب السبعة وأربعون ولاية المتبقية من الجزائر. تربّوا هم الآخرين في زمن التناقضات وكبروا ليعرفوا نفس النتائج مع حظوظٍ أقل لمستقبل أفضل مما عاشوا في صباهم.
تغير القتل وتغيرت الموت في الجزائر. في السابق كان القتل وحشياً ومن أجل الأفكار والمواقف والاعتقادات، أمّا الموت فحقيقية ودائمة. اليوم القتل ناعم وعام، لاينجى منه المصاغر إلاّ إذا انظموا إلى طائفة les jeunes hommes، القليلة العدد الكثيرة النفوذ، سلالة الأقوياء في النظام، أمّا الموت فأصبح لا يمسّ الجسد ولا الروح بكثرة كما كان وإنّما الآمال والأحلام. 
المصاغر سينتهون إلى قيادة البلاد حتماً لأنّ الأمر طبيعي ولأنّهم الأكثرية، السؤال الذي يجب أن يطرح هو ماذا استخلص المصاغر من طفولتهم الأليمة وماذا سيفعلون حتى لا يعيش أولادهم ما عاشوه هم وهل وصلوا إلى حقيقة صلبة بعد شهادتهم على زمن التناقضات؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق